الصحافة البحرينية مدرسة عريقة أرسى قواعدها رواد وأسماء لامعة في سماء الفكر والتنوير
للصحافة في مملكة البحرين تاريخ عريق يعود الى عام 1939 حيث تأسست جريدة “البحرين” على يد الأب الروحي للصحافة البحرينية الراحل عبدالله الزايد لتصبح أول صحيفة أسبوعية تصدر في منطقة الخليج العربي، وتطورت بفضل جهود رواد الفكر والأدب والصحافة البحرينية حتى أضحت مدرسة عريقة أرسى قواعدها رواد وأسماء لامعة في سماء الصحافة الوطنية اشتهرت خليجياً وعربياً.
وقامت الصحافة البحرينية على اكتاف عدد من عمالقة فن الصحافة والأدب على رأسهم عبدالله الزايد، محمود المردي، علي سيار، حسن الجشي، أحمد محمد يتيم، تقي البحارنة، عبدالله الوزان، عبدالله المدني، وغيرهم الكثير.
وتمتعت الصحافة البحرينية بسقف كبير من الحرية، أرسى وعزز أركانها المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى، وأكد عليها دستور مملكة البحرين مما أدى إلى أن تأخذ دورها في تنمية المجتمع التي هي مرآته وتمثل حلقة الاتصال بين المواطن والدولة وما يجري من أنشطة وفعاليات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية، سيما أن الصحافة البحرينية فتحت صفحاتها لكافة ألوان الطيف السياسي.
وقد بلغ عدد الصحف الصادرة في مملكة البحرين منذ العام 1939 أكثر من 115 جريدة ومجلة متنوعة الاهتمامات كان لها دور حيوي بارز في اثراء الحركة الفكرية والثقافية في المجتمع وتعزيز القيم الوطنية غير أن بعضها امتنع عن الصدور لاسباب مالية واقتصادية.
وقد عكست الرعاية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه للفعاليات الإعلامية ما تحظى به الصحافة والاعلام البحريني بشكل خاص والاعلام العربي بشكل عام من مكانة وتقدير لدى قائد مسيرة الاعلام الأول، ولتؤكد على مدى دعم جلالته الكامل للصحافة البحرينية وحريتها ودورها الوطني ومسئولياتها النهضوية والتنموية.
وتجسيدا للطفرة النوعية والكمية التي تشهدها الصحافة البحرينية منذ تقلد جلالته سدة الحكم في مملكة البحرين في العام 1999 ارتفع مستوى طرح الصحف من حيث “التحرير والنقد” بكل قوة وحرية، كما زادت أعدادها في فترة قياسية من أربع صحف يومية فقط قبل تولي جلالة الملك مقاليد الحكم في عام 1999 وهي “أخبار الخليج” (1976)، “جلف ديلي نيوز” (1978)، “الأيام” (1989)، “بحرين تريبيون” (1997) إلى 14 صحيفة يومية وأسبوعية حتى عام 2012، أي بإضافة عشر صحف جديدة في 11 سنة من عمر العهد الإصلاحي الزاهر، وتتمثل في خمس صحف يومية هي “الوسط” (2002)، “الميثاق” (2004) توقفت لاسباب مالية، “الوطن” (2005)، “الوقت” (2006) قبل توقفها لاحقا لاسباب مالية أيضا، “البلاد” (أكتوبر 2008)، وخمس صحف أسبوعية هي “العهد” (نوفمبر 2003)، “النبأ” (يونيو 2008)، “جلف ويكلي” (نوفمبر 2002)، “التجارية”، “أسواق” (فبراير 2009).
ويعتبر الأديب والصحافي الراحل عبدالله الزايد الأب الروحي للصحافة البحرينية الذي يرجع له الفضل في تأسيسها بالعمل على إصدار أول صحيفة أطلق عليها اسم ”جريدة البحرين” والتي صدرت بين سنوات 1939-1944 لتكون أول صحيفة أسبوعية تصدر في منطقة الخليج العربي، وركزت على تناول اللبنات الأولى للشأن السياسي والثقافي والأدبي والاجتماعي المحلي، صدرت بعدها “الجريدة الرسمية” الصادرة في عام 1948 وتميزت بتغطية الأخبار المحلية والرسمية.
وبحسب كتاب “الصحافة في البحرين: رصد الصحف المتوقفة والجارية :1939-2003” للدكتور منصور سرحان، فقد شهدت مملكة البحرين خلال الفترة التي رصدها الكتاب صدور مجموعة متنوعة من الصحف بين جريدة ومجلة بلغ عددها 109، توقف منها 19 جريدة و16 مجلة.
وبحسب الكتاب الأول من نوعه الذي يهتم ببليوغرافيا الدوريات في مملكة البحرين فقد قامت صحافة الخمسينيات- عدا جريدة “الخميلة”- ببث الوعي القومي بين المواطنين، واتجهت مجلة “صوت البحرين” إلى مخاطبة العالم العربي بدلا من البقاء وسط المجتمع المحلي، مما جعلها تصدر بلغة عربية رصينة وهو ما ساعدها على الانتشار في البلدان العربية إبان تلك الفترة التي أصبح غليان القومية العربية ينتشر بين أوساط المجتمع العربي بشكل عارم.
ولعبت جرائد الخمسينيات وبخاصة “القافلة” و”الوطن” و”الميزان”، وحتى “الشعلة” التي صدر عدد واحد منها، دورا بارزا في مقارعة الاستعمار، والإشادة بالوعي القومي، ومناصرة ثورة 23 يوليو 1952 بمصر، وانتقاد الأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد تحت الحماية البريطانية، مما أدى بالإنجليز إلى إيقافها جميعا في عام 1956.
وشهد عقد الخمسينيات صدور ثلاث جرائد سياسية لم يكن للشأن المحلي حضور بارز فيها، بل ركزت جل اهتمامها على نقل الأخبار العالمية والعربية، وتتمثل تلك الصحف في كل من جريدة “الخليج” التابعة لجريدة “الديلي ميل” البريطانية، وجريدة “الخليج العربي” التي كانت تصدرها شركة الخليج المحدودة، و”أخبار الخليج” التي هي فرع من جريدة “البصرة”.
وانقطعت الأخبار المحلية بتوقف الصحف الوطنية، واستمر الوضع هكذا حتى عام 1957، وبلغ عدد الجرائد والنشرات التي كانت تصدر في الخمسينيات 11 جريدة ونشرة، أبرزها أول مجلة سياسية وثقافية في البلاد بعنوان ”صوت البحرين” العام 1950 وجريدة “القـــافلة” (1952) وبعد توقفهـــا صــدرت جــريدة “الوطــن” العـــام 1955 لكنهـــا توقــفت عـن الصــدور بعد عــام واحـــد.
من جهتها عرضت صحف الستينيات الأخبار والمقالات السياسية الأخرى دون التعرض إلى التحليل إلا فيما ندر، وتعد فترة الستينيات رغم ضعفها من حيث عدد الصحف الصادرة ونوعيتها فترة انبعاث جديد لإصدار صحف يومية ومجلات دورية.
وقد مثلت محاولة إصدار جريدة “الأضواء” الأسبوعية في عام 1965 وتوقفت في عام 1993، و”أضواء الخليج” اليومية في نوفمبر من عام 1969 وتوقفت في إبريل 1970، و”صدى الأسبوع” في عام 1969 علامات بارزة في تاريخ الصحافة البحرينية.
وركزت المجلات التي صدرت في الستينيات على التجارة والسياحة، وتتمثل تلك المجلات في: “الحياة التجارية” (1962)، و”الأسواق العربية” (1968-1972)، و”المرشد” (1969 -5197)، مما جعل لهذه الفترة خصوصيتها بالتركيز على السياحة والتجارة.
واتجهت صحافة الستينيات ممثلة في جريدة “الأضواء” الأسبوعية، و”صدى الأسبوع” إلى تغطية الأخبار السياسية بشكل مركز لتتميز في هذا المجال، كما اتجهتا إلى الإشادة بالقضايا التطويرية الحاصلة في البلاد آنذاك. وخصصت بعض الصفحات في كلتا الصحيفتين لقضايا الأدب والثقافة والفن مما شجع العديد من الأقلام الشابة على البروز مستفيدين من الفرص المتاحة لهم في نشر إنتاجاتهم.
وتعد فترة السبعينيات البداية الحقيقية لإصدار الصحف المتنوعة في البحرين، فقد صدر خلال هذا العقد ثلاث صحف. ففي سنة 1971 صدرت جريدة يومية بالإنجليزية هي The Gulf Mirror استمرت حتى سنة 1987، وفي سنة 1976 صدرت “أخبار الخليج” اليومية، ولحقتها في سنة 1978 جريدة يومية باللغة الإنجليزية هيGulf Daily News.
وبإلقاء الضوء على صحافة السبعينيات يرى فيها بعض النضوج الواضح في بنية الأداء الصحفي، كما يلاحظ تطرقها للعديد من المواضيع المختلفة كالمواضيع السياسية والاقتصادية والتربوية والدينية والرياضية والأدبية والثقافية، واتاحت للقارئ الكريم خيارات عديدة لانتقاء ما يناسبه مــن مواضيع مختلفة.
ومن الأسباب التي ساعدت على إصدار هذا الكم من الصحف المتنوعة في حقبة السبعينيات، ازدهار الحركة الأدبية في البلاد، وكانت هذه الفترة بالذات فترة الانطلاقة نحو الحداثة، وقد ساهم ذلك في إبراز العديد من الأقلام الواعدة التي كانت تبحث عن أرضية لها في تلك الصحافة.
وتميزت فترة الثمانينيات بنضج الحركة الأدبية والثقافية في البحرين، وكانت هذه الفترة بحق فترة ازدهار الكتابة والتأليف المتنوع في البلاد. ومما عزز غزارة الإنتاج الفكري خلال عقد الثمانينيات ما طبع فيه من كتب بلغ عدد عناوينها ستمائة وخمسة عناوين تناولت موضوعات مختلفة.
وقد أدى الازدهار الثقافي إلى زيادة إصدار الصحف المتنوعة ومن بينها جريدة “الأيام” اليومية التي بدأت في الصدور في السابع من مارس عام 1989.
واستمرت جذوة النشاط الصحفي في فترة الثمانينيات في التوهج، فقد صدرت “أخبار التربية” في عام 1981، وفي سنة 1982 صدر العدد الأول من مجلة “الوثيقة”، وتهتم هذه المجلة بنشر الوثائق التاريخية وتحليلها. وأصدرت جمعية المحامين البحرينية أول مجلة لها بعنوان “المحامي” في عام 1982.
كما أصدرت أسرة الأدباء والكتاب في البحرين مجلة “كلمات” وهي مجلة فصلية تعنى بالشأن الثقافي، صدر عددها الأول في عام 1983. وشهدت سنة 1983 إصدار أربع مجلات مختلفة هي بالإضافة إلى “كلمات”، “آفاق أمنية” و”بانوراما الخليج”، و”البحرين الخيرية”. وفي عام 1985 صدرت مجلتان مختلفتان في التوجه، هما “المسافر العربي” وهي سياحية، كما صدرت “خليجية للبتروكيماويات” ذات الاتجاه الصناعي.
وفي سنة 1988 صدرت ثلاث مجلات هي “الإصلاح” ذات التوجهات الإسلامية، و”العروبة” وهي مجلة ثقافية تصدر عن نادي العروبة، و”الرعاية” مجلة اجتماعية تصدر عن جمعية رعاية الطفل والأمومة.
وشهدت الفترة منذ تسعينيات القرن الماضي إصدار مجلات تربوية وثقافية واجتماعية وتجارية ورياضية وسياسية وبعض المجلات المحكمة، حيث لعبت جامعة البحرين وبعض وزارات المملكة وبقية مؤسسات المجتمع المدني دورا مهما في إصدار العديد من الدوريات المتنوعة وبعضها دقيق التخصص.
ويمكن تتبع إصدار المجلات وفق سنوات إصدارها وفق الفترة من 2000 إلى 2003 صدرت في عام 2000 ثلاث مجلات هي “مجلة العلوم التربوية والنفسية” وهي مجلة فصلية علمية متخصصة محكمة صادرة عن جامعة البحرين، و”المجلة العربية للغذاء والتغذية” الصادرة عن مركز البحرين للدراسات والبحوث، و”التربية” وتعنى بشئون التربية والتعليم وتصدر عن وزارة التربية والتعليم. وشهد عام 2001 إصدار أربع مجلات هي “التدريب وتنمية الموارد البشرية” الصادرة عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية، و”المعارض والمؤتمرات العربية” الصادرة عن الاتحاد العربي للمعارض والمؤتمرات الدولية، و”البحرين الرياضية”.
وفي عام 2002 صدرت سبع مجلات هي “التجارة والصناعة” الصادرة عن وزارة التجارة، “أوراق نسائية” الصادرة عن جمعية فتاة الريف، “ثقافات” الصادرة عن جامعة البحرين، “أوان” الصادرة عن جامعة البحرين، “الوراقة” الصادرة عن جمعية المكتبات البحرينية، “صهيل الخيل” الصادرة عن نادي البحرين لسباق القدرة للخيل و”عالم الطب والصحة”.
وصدرت خمس مجلات في عام 2003 هى “التجديد” الصادرة عن جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية، “الاستقامة” الصادرة عن جمعية التربية الإسلامية، “صحتكم هدفنا” الصادرة عن مستشفى البحرين التخصصي، “النواب” الصادرة عن الأمانة العامة بمجلس النواب، و”الديمقراطي” الصادرة عن جمعية العمل الوطني.
تقرير من إعداد وكالة أنباء البحرين